"لن يكون لدينا ما نحيا من أجله , إلا إذا كنا على استعداد للموت من أجله .. يجب أنْ نبدأ العيْش بطريقة لها معنى الآن" - تشي جيفارا

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

الرسالة الاخيرة

كنت قد توقفت عن الكتابة منذ فترة طويلة.. لا أتذكر ما السبب أو ما الأشياء التي دفعتني لذلك.. قد أكون كاذباً في قولي أو في تصوري للأشياء، مثل تلك المرات التي أخبرتك فيها بأني أحُبك، وأنا بالفعل أريد أن أحبك أكثرر من ذلك.
تمر الليالي الخِماص علينا كنساء مُترملات مُتشحات بالسواد.. حُزانى في بُحور الحياة، لا تسيرنا سوى أقدارنا، بإفتراض أن ايمانك يبلغ مُنتهاه بالقدر، وبإفتراض أن إيماني بكِ هو قدري المحتوم لا أكثر.
ولكن هذه ليست رسالة للتغزل في أوصافك.. ليس لأسرد الكلمات والكثير منهن حول تلك الجاذبية التي تُهيلي بها نفسك عن قصد أو عن غير قصد. كحلقة مضيئة حول المسيح.. أنتِ ليستِ المسيح، أنتِ كما أنتِ تلك النشوى المُتجردة بأفعالها وذاتها ولن يُنازعها في الأمر إلا خائب.
ولكني أبلغ من الغرور ما يكفي لأكتب عن ذاتي هذه المرة، فأنت تعلمين جيداً بأنه لم يخلق إلا واحد هو كاتب هذه الرسالة، ولو كان الأمر بيده حقاً لفعل ذلك وأكثر، ولكن الحياة لا تُعطي إلا بقدر ما تأخذ منا أضعافاً مضاعفة.. لا أقصد بالحديث ذلك التفرد الزائل أو تلك المواهب التي أمتلكها، مثل قدرتي على إقناع أي شخص في أقل من خمس دقائق.. خمس دقائق فقط كافية للإقناع بأن من يلتقم لسان الأرنب فسوف يدخل الجنة! حتى هذه الموهبة تقف عاجزة، حائرة، نكراء أمام شخصين من المفترض أنهما من باقي شخصيات الرواية التي نكتبها أنا وأنتِ سوياً.. تصوري؟!
والسؤال يا عزيزتي هل تنوي أن تُغلقي تلك الرواية الأن؟ عند هذا الفصل السرمدي؟ أن تقطعي كل هذه المسافة، وأن تحرقي كل هذه المشاعر، وفجأة تقتصين كل شيئ وتُغلقي باب القصيدة؟ لتلتقطي غليونك وتحاولين التفكير في اللاشيئ وأنتِ تهامين بنظرك في جمال سقف منزلك.
أنا ما زلت أؤمن بأنك لا تعرفي الكثير عني، ما زلت لا تعرفي مثلاً بأن الجاثم فوق تلك الأريكة والمنتهي من إشعال سيجارة أثارت رائحتها أنفاسك فأمتعضتي.. وتلوعتي.. وصحتي بصوت أنثوي (أغلق عليك فاهك واتقِ الله)، ما زلت لا تعرفي بأن حُبي للحياة يُضارع كُرهي لها، وبأني حاولت الإنتحار مرتين فيما ما مضى، مرة عن طريق القفز وأنا أصارع خوفي من المُرتفعات، ومرة أخرى عن طريق تناول شريط كامل من الحبوب وأنا أقاوم كرهي للأدوية.
بأنك مثلاً لا تدري بأني الأن أواجه أسوء أعماق سوادي بمفردي كما مضى، أحارب هذا اللعين الجاثم فوق صدري بمفردي، أقضي الليل بمفردي، أتابع بعض الأخبار والقليل من الموسيقى بمفردي، وبأن حاجتي للكتابة متأصلة كما مضى وبمفردي أيضاً، وبأن حديثي إليكِ سيقتصر على بضع كلمات، لم أنتوى بهم دغدغة عواطفك أو أستثارة عواصف شفقتك، أو أن أصبو لشيئ ما يجول بخاطرك، فأنتِ لا تعرفيني حق المعرفة.
أنا قوي بما فيه الكفاية لأواجه كل شيئ بمفردي، لأزيح هذا الحزن بمفردي، نعم أرى تلك الأعين المُرتابة، وأكاد أصف دقات أنفاسك المتلاحقة ولسان حالك يتحدث في خشوع (وماذا عني)؟
دعيني قبل أن تنتهي مُعلقة الجاهلية، قبل أن تفرغ مداد كلماتي فأظل حبيساً بين الحاء والباء، دعيني أطرح عليك سؤال وحاولي الإجابة عنه حتى لو اضطررتي للتذلل لإله السماء والأرض
(إذا سبقتك سُلحفاة بعشر يارادات، ومن ثم بدأت أنتِ بالركض.. هل تستطيعي اللحاق بتلك السلحفاة والفوز عليها، مع العلم بأن تلك السُلحفاة تسبقك بياردة كاملة في كل مرة تخطو فيها قدميكي الصغيرتين؟!)
 هو الحب كذبتنا الصادقة كما قال محمود درويش، وكما أؤمن دوماً بأن الحب هو عاصفتنا اللا اختيارية، من الذي كان يعتقد بأن ذلك سيحدث، وبأن تلك الأحاديث الجانبية قد سبرت أغواري، وبأن تلك التلقائية التي تتعاملين بها مع عوام الناس ليست جاذبة كرقصة عربدة تؤديها (صوفيا لورن)
" أنت تدركين كم أهيم بتلك المرأة ولا أجد غضاضة أن أثير حنقك بالتحدث عنها، بل وأن أذهب إليكِ جاثياً لأطلب منك السماح لي برقصة معها"

ما الذي حدث وها هو المداد قد أوشك على النفاذ؟!
فبعد أن ألهب الحُب حياتنا، بأن ظنناه شمعة ستنير طريقنا قبل أن نستفيق على حريق سببه، بعد أن أعتقدنا كما يعتقد الشيطان بأنه كل شيئ، وبأن الوصول إلى الفردوس يتطلب الإبحار في تعاليم محاربك.
الأن فقط أيقنا كم جال البصر وخفق الفؤاد، أنتِ مُرتابة وحزينة وتائهة ولا تعلمي أأيهما أقرب حياة الغدِ أم لقاء قريب مُنتظر؟ ستُسيرك تلك الظنون حتى إنقضاء العمر وأنتِ كشابة مفتونة بأنوثتها الكاملة.
أما أنا فلا يسعني سوى الكذب عليكِ أكثر فأكثر، لا يسعني سوى إستباق ضربات عشقك بالمزيد من اللامبالة وابتسامة بلهاء وأنتِ تخبريني عن أشياء لا منطقية.. أنتِ في الأساس لا منطقية.. مجنونة.. متراقصة كسنبلة في ليالي "أيار" الحزين.. تدعين العشق والعشق قد أصابك في مقتل مثلما يصيب السهم منتصف الهدف، أرفعي عنك نجوم السماء وحماقتها.
فقد يبدوا حديثي عبثياً وبأني استرسل في حديث لا منطقي.. منذ متى وأنا لست هكذا؟ منذ متى؟
دعينا نمارس الكذب وأنتهي من كتابة 15 فصلاً هم عُمر روايتنا الجميلة، بلا قيود أو ضغوط.. بلا مسئوليات أو تكلفة، دعي النشوة تجرفك حيث سهل المنحدر وأعلمي بأن الحُب فقط هو كذبتنا الصادقة.
.....................................................................................................................
اجابة سؤال السُلحفاة اللعين:
أنتِ لا تسطيعي اللحاق بها، ولكنك بالتأكيد ستهددين عرش صدراتها، ستحاولين ولكنك ستفشلين، وستجلسين بعد 20 عاماً أمام المدفأة تخزلين من صوف أحزانك صدرية وأنت تتذكرين هذه المأساة.

  • إذا وصلتلك هذه الرسالة فأرجو ألا تبادري بالإتصال إلا إذا كنت تريدي بحق هذا الإتصال، لقد انتظرتك طويلاً فلا تتعجلي.. فذنب النفاق أسوء من ألم الإنتظار!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق